الْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العالمينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، يحبُّ التوابينَ ويُحِبُّ المتطهرينَ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وصفيُّهُ مِنْ خلقِهِ وخليلُهُ ، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. أمَّا بعدُ: فأُوصيكُمْ عبادَ اللهِ ونفسِي بتقوَى اللهِ عزَّ وجلَّ قالَ تعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
أيهَا المؤمنونَ: الطهارةُ سُلوكٌ يمارسُهُ الإنسانُ بمقتضَى الفطرةِ التِي فطرَ اللهُ الناسَ عليهَا، والمسلمُ يحافظُ علَى الطهارةِ ليرتقِيَ بِهَا، فهيَ جزءٌ مِنْ دينِهِ، ومظهرٌ يدلُّ علَى إيمانِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ».ولاَ تصِحُّ الصلاةُ بغيْرِ طهارةٍ، كمَا قَالَ النَّبِيُّ :« لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ». والطهارةُ كلمةٌ تدلُّ علَى النقاءِ، وزوالِ الدَّنَسِ الحسِّيِّ والمعنوِيِّ، ظاهراً وباطناً، ولَهَا جوانبُ: فمنهَا النظافةُ الحسيةُ لِجَسدِ الإنسانِ وبيئتِهِ، فالمسلمُ يتوضَّأُ كلَّ يومٍ خمسَ مراتٍ، ويلبسُ أفْضَلَ مَا عندَهُ مِنَ الثيابِ وأطهرِهَا تحقيقًا لقولِهِ تعالَى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أَيْ عندَ كُلِّ صلاةٍ. ويعتنِي بنظافةِ مسجدِهِ وبيتِهِ. وإلَى جانبِ الطهارةِ الحسيةِ حثَّ الإسلامُ علَى نقاءِ القلبِ وسلامةِ الصدْرِ مِنْ أدرانِ النفسِ كالشحِّ والحسدِ والكراهيةِ للآخرينَ، وكانَ مِنْ دعاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم :« اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ». أيْ طهِّرْنِي مِنَ الخطايَا التِي تدنسُ القلوبَ وتسوِّدُهَا، كمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدرنِ. وهذَا النقاءُ طريقٌ لدخولِ الجنةِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:« يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ... فتَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، ونزلَ عندَهُ يتحسَّسُ أمْرَهُ، فلَمْ يجدْهُ كثيرَ صلاةٍ ولاَ صيامٍ، فسألَهُ فَقَالَ الرجلُ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلاَ أَحْسُدُ أَحَداً عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ . أيهَا المسلمونَ: لقدْ بشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هذَا الصحابِيَّ الجليلَ بالجنةِ لنقاءِ قلبِهِ مِنَ الغشِّ والحسدِ، وسلامتِهِ مِنَ الكراهيةِ للآخرينَ، وارتقائِهِ بالتسامحِ والعفوِ عَنْ زلاَّتِ المخطئينَ، وهذَا يؤكِّدُ أنَّ الإسلامَ اهتمَّ بطهارةِ السلوكِ ونقائِهِ مِنْ مسالكِ الانحرافِ، فإذَا أصبحَ الإنسانُ نظيفاً فِي بدنِهِ، طاهراً فِي أخلاقِهِ، نقيًّا فِي قلبِهِ؛ ارتقَى فِي منْزلتِهِ، وحظيَ بحبِّ اللهِ تعالَى، وحبِّ عبادِهِ لطهارتِهِ ظاهرًا وباطنًا، قالَ عزَّ مِنْ قائلٍ : (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ ) قالَ بعضُ العلماءِ: إنَّ الطهورَ بالماءِ لحسَنٌ، ولكنَّهُمُ المطهرونَ مِنَ الذنوبِ . وقدْ أثنَى اللهُ تعالَى علَى مريمَ عليهَا السلامُ لأنَّهَا حافظَتْ علَى طُهْرِهَا، وتمسكَتْ بعفَّتِهَا، فجعلَ جزاءَهَا أَنْ رفعَ قدرَهَا وأَعْلَى شأنَهَا، وجعلَ لَهَا لسانَ صدقٍ فِي الآخرينَ، واستحقَّتْ أنْ تكونَ بذلكَ مِنْ سيداتِ نساءِ العالمينَ، قالَ اللهُ تعالَى: (وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ ) فإذَا أردْنَا يَا عبادَ اللهِ أنْ نرتقِيَ بيْنَ الناسِ، ونحظَى بحبِّهِمْ واحترامِهِمْ، وإذَا أردْنَا أنْ نفوزَ بحبِّ اللهِ تعالَى، وننالَ مغفرَتَهُ ورضوانَهُ، ونسعَدَ بجناتِ النعيمِ؛ فلنحافِظْ علَى طهارةِ أبدانِنَا، ولنحرصْ علَى صفاءِ قلوبِنَا، ولنلزَمْ نقاءَ سلوكِنَا والاستقامةَ فِي أعمالِنَا، قالَ اللهُ تعالَى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ) نَسألُ اللهَ تعالَى أَنْ يجعَلَنَا مِنْ عبادِهِ الطاهرينَ المتطهرينَ، وأَنْ يوَفِّقَنَا لطاعتِه وطاعةِ مَنْ أمرنَا بطاعتِهِ, عملاً بقولِهِ تعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ وبِسنةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
الخطبةُ الثانيةُ
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ, وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. أمَّا بعدُ: يقولُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم :« خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». فتلاوةُ القرآنِ الكريمِ تعمرُ القلوبَ يقينًا وتملأُ النفوسَ اطمئنانًا، وهيَ مصدرُ كلِّ فضيلةٍ، ولذلكَ تُنظمُ الهيئةُ العامةُ للشؤونِ الإسلاميةِ والأوقافِ دوراتٍ لتعليمِ القرآنِ الكريمِ وحفظِهِ فِي المساجدِ ومراكزِ تحفيظِ القرآنِ الكريمِ بالدولةِ، وستبدأُ الدورةُ الأُولَى يومَ الأحدِ القادمِ 12 صفر الموافق 16 يناير، وستستمِرُّ لمدةِ خمسةِ أشهرٍ، فبادِرُوا أيهَا المؤمنونَ إلَى تسجيلِ أبنائِكُمْ فِي هذهِ الدوراتِ لينتفِعُوا بِهَا وينالَكُمُ الأجرُ والثوابُ، فالقرآنُ الكريمُ خيرُ زادٍ لكُمْ ولهمْ فِي الدنيَا والآخرةِ. عبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ أمرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فيهِ بنفْسِهِ وَثَنَّى فيهِ بملائكَتِهِ فقَالَ تَعَالَىإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً» اللهمَّ اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطيبينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وعلَى سائرِ الصحابِةِ الأكرمينَ، وعَنِ التابعينَ ومَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدينِ، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ صحةَ إيمانٍ، وإيماناً فِي حُسْنِ خُلُقٍ، ونجاحاً يتبعُهُ فلاحٌ ورحمةٌ منكَ وعافيةٌ ومغفرةٌ، اللهمَّ حببْ إلينَا الإيمانَ وزيِّنْهُ فِي قلوبِنَا، واجعلْنَا مِنَ الراشدينَ، اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ سيدُنَا مُحمدٌ ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اشفِ مَرْضَانَا وارْحَمْ مَوْتَانَا، اللَّهُمَّ اغفر للشَّيْخ زَايِد، والشَّيْخ مَكْتُوم، وإخوانَهُمَا شيوخَ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلَى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشَّيْخ خليفة بن زايد وَنَائِبَهُ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ أجمعين، اللَّهُمَّ بارِكْ فِي المحسنينَ الذينَ يُنفقونَ أموالَهُمْ ابتغاءَ وجهِكَ الكريمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ، اللَّهُمَّ اسقِنَا الغيثَ ولاَ تجعَلْنَا مِنَ القانطينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا منْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لنَا منْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى دولةِ الإماراتِ الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )
أيهَا المؤمنونَ: الطهارةُ سُلوكٌ يمارسُهُ الإنسانُ بمقتضَى الفطرةِ التِي فطرَ اللهُ الناسَ عليهَا، والمسلمُ يحافظُ علَى الطهارةِ ليرتقِيَ بِهَا، فهيَ جزءٌ مِنْ دينِهِ، ومظهرٌ يدلُّ علَى إيمانِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ».ولاَ تصِحُّ الصلاةُ بغيْرِ طهارةٍ، كمَا قَالَ النَّبِيُّ :« لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ». والطهارةُ كلمةٌ تدلُّ علَى النقاءِ، وزوالِ الدَّنَسِ الحسِّيِّ والمعنوِيِّ، ظاهراً وباطناً، ولَهَا جوانبُ: فمنهَا النظافةُ الحسيةُ لِجَسدِ الإنسانِ وبيئتِهِ، فالمسلمُ يتوضَّأُ كلَّ يومٍ خمسَ مراتٍ، ويلبسُ أفْضَلَ مَا عندَهُ مِنَ الثيابِ وأطهرِهَا تحقيقًا لقولِهِ تعالَى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أَيْ عندَ كُلِّ صلاةٍ. ويعتنِي بنظافةِ مسجدِهِ وبيتِهِ. وإلَى جانبِ الطهارةِ الحسيةِ حثَّ الإسلامُ علَى نقاءِ القلبِ وسلامةِ الصدْرِ مِنْ أدرانِ النفسِ كالشحِّ والحسدِ والكراهيةِ للآخرينَ، وكانَ مِنْ دعاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم :« اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ». أيْ طهِّرْنِي مِنَ الخطايَا التِي تدنسُ القلوبَ وتسوِّدُهَا، كمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدرنِ. وهذَا النقاءُ طريقٌ لدخولِ الجنةِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:« يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ... فتَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، ونزلَ عندَهُ يتحسَّسُ أمْرَهُ، فلَمْ يجدْهُ كثيرَ صلاةٍ ولاَ صيامٍ، فسألَهُ فَقَالَ الرجلُ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلاَ أَحْسُدُ أَحَداً عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ . أيهَا المسلمونَ: لقدْ بشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هذَا الصحابِيَّ الجليلَ بالجنةِ لنقاءِ قلبِهِ مِنَ الغشِّ والحسدِ، وسلامتِهِ مِنَ الكراهيةِ للآخرينَ، وارتقائِهِ بالتسامحِ والعفوِ عَنْ زلاَّتِ المخطئينَ، وهذَا يؤكِّدُ أنَّ الإسلامَ اهتمَّ بطهارةِ السلوكِ ونقائِهِ مِنْ مسالكِ الانحرافِ، فإذَا أصبحَ الإنسانُ نظيفاً فِي بدنِهِ، طاهراً فِي أخلاقِهِ، نقيًّا فِي قلبِهِ؛ ارتقَى فِي منْزلتِهِ، وحظيَ بحبِّ اللهِ تعالَى، وحبِّ عبادِهِ لطهارتِهِ ظاهرًا وباطنًا، قالَ عزَّ مِنْ قائلٍ : (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ ) قالَ بعضُ العلماءِ: إنَّ الطهورَ بالماءِ لحسَنٌ، ولكنَّهُمُ المطهرونَ مِنَ الذنوبِ . وقدْ أثنَى اللهُ تعالَى علَى مريمَ عليهَا السلامُ لأنَّهَا حافظَتْ علَى طُهْرِهَا، وتمسكَتْ بعفَّتِهَا، فجعلَ جزاءَهَا أَنْ رفعَ قدرَهَا وأَعْلَى شأنَهَا، وجعلَ لَهَا لسانَ صدقٍ فِي الآخرينَ، واستحقَّتْ أنْ تكونَ بذلكَ مِنْ سيداتِ نساءِ العالمينَ، قالَ اللهُ تعالَى: (وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ ) فإذَا أردْنَا يَا عبادَ اللهِ أنْ نرتقِيَ بيْنَ الناسِ، ونحظَى بحبِّهِمْ واحترامِهِمْ، وإذَا أردْنَا أنْ نفوزَ بحبِّ اللهِ تعالَى، وننالَ مغفرَتَهُ ورضوانَهُ، ونسعَدَ بجناتِ النعيمِ؛ فلنحافِظْ علَى طهارةِ أبدانِنَا، ولنحرصْ علَى صفاءِ قلوبِنَا، ولنلزَمْ نقاءَ سلوكِنَا والاستقامةَ فِي أعمالِنَا، قالَ اللهُ تعالَى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ) نَسألُ اللهَ تعالَى أَنْ يجعَلَنَا مِنْ عبادِهِ الطاهرينَ المتطهرينَ، وأَنْ يوَفِّقَنَا لطاعتِه وطاعةِ مَنْ أمرنَا بطاعتِهِ, عملاً بقولِهِ تعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ وبِسنةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
الخطبةُ الثانيةُ
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ, وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. أمَّا بعدُ: يقولُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم :« خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». فتلاوةُ القرآنِ الكريمِ تعمرُ القلوبَ يقينًا وتملأُ النفوسَ اطمئنانًا، وهيَ مصدرُ كلِّ فضيلةٍ، ولذلكَ تُنظمُ الهيئةُ العامةُ للشؤونِ الإسلاميةِ والأوقافِ دوراتٍ لتعليمِ القرآنِ الكريمِ وحفظِهِ فِي المساجدِ ومراكزِ تحفيظِ القرآنِ الكريمِ بالدولةِ، وستبدأُ الدورةُ الأُولَى يومَ الأحدِ القادمِ 12 صفر الموافق 16 يناير، وستستمِرُّ لمدةِ خمسةِ أشهرٍ، فبادِرُوا أيهَا المؤمنونَ إلَى تسجيلِ أبنائِكُمْ فِي هذهِ الدوراتِ لينتفِعُوا بِهَا وينالَكُمُ الأجرُ والثوابُ، فالقرآنُ الكريمُ خيرُ زادٍ لكُمْ ولهمْ فِي الدنيَا والآخرةِ. عبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ أمرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فيهِ بنفْسِهِ وَثَنَّى فيهِ بملائكَتِهِ فقَالَ تَعَالَىإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً» اللهمَّ اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطيبينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وعلَى سائرِ الصحابِةِ الأكرمينَ، وعَنِ التابعينَ ومَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدينِ، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ صحةَ إيمانٍ، وإيماناً فِي حُسْنِ خُلُقٍ، ونجاحاً يتبعُهُ فلاحٌ ورحمةٌ منكَ وعافيةٌ ومغفرةٌ، اللهمَّ حببْ إلينَا الإيمانَ وزيِّنْهُ فِي قلوبِنَا، واجعلْنَا مِنَ الراشدينَ، اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ سيدُنَا مُحمدٌ ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اشفِ مَرْضَانَا وارْحَمْ مَوْتَانَا، اللَّهُمَّ اغفر للشَّيْخ زَايِد، والشَّيْخ مَكْتُوم، وإخوانَهُمَا شيوخَ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلَى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشَّيْخ خليفة بن زايد وَنَائِبَهُ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ أجمعين، اللَّهُمَّ بارِكْ فِي المحسنينَ الذينَ يُنفقونَ أموالَهُمْ ابتغاءَ وجهِكَ الكريمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ، اللَّهُمَّ اسقِنَا الغيثَ ولاَ تجعَلْنَا مِنَ القانطينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا منْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لنَا منْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى دولةِ الإماراتِ الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )