الحمدُ للهِ الغنِيِّ الماجِدِ، الفَرْدِ الصمَدِ الواحِدِ، الذِي خلَقَ فسَوَّى، وقدَّرَ فهدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أفْضَلُ الخلائقِ وأعلاَهُمْ جمالاً، وأحسنُهُمْ خَلْقًا وخُلُقًا وكمالاً، صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ وعلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الأطهارِ، وصحابتِهِ النُّجَباءِ الأخيارِ، وعلَى التابعينَ وأتباعِهِمْ وكُلِّ مَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أمَّا بعدُ: فقَدْ روَى الإِمامُ مسلمٌ رحمهُ اللهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ». قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ :« إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ».
عبادَ اللهِ: إنَّ هذَا الحديثَ يُبَيِّنُ مَا للجمالِ والذوقِ مِنَ الأهميةِ والقيمةِ فِي دينِنَا الحنيفِ، فقَدْ أَقَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الرجُلَ علَى عنايتِهِ بثوبِهِ ونعْلِهِ، وتحسينِ مظهرِهِ ومنْظَرِهِ بأَنْ جعلَ ذلكَ مِنَ التخَلُّقِ بالأخلاقِ التِي يحبُّهَا اللهُ تعالَى «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» وهُوَ أُسلوبٌ فِي غايةِ البيانِ والتأثيرِ. ومعنَى « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ» أَيْ حَسَنُ الأفعالِ، كامِلُ الصفاتِ، وأَمَّا الجمالُ فمعنَاهُ الْحُسْنُ الكثيرُ والكمالُ فِي التناسُقِ فِي عالَمِ الخلْقِ. فهذَا الوصفُ إذًا يحبُّهُ اللهُ تعالَى أَيْ يُريدُهُ ويرضَاهُ، ومِنْ ثَمَّ كانَ لابدَّ للمسلمِ أَنْ يتحقَّقَ بهِ فِي كُلِّ أُمورِهِ وشؤونِهِ، بدْءًا مِنْ أعمالِهِ وأخلاقِهِ التِي هيَ جوهرُهُ وحقيقتُهُ، وانتهاءً بآخرِ شيْءٍ وأدقِّهِ فِي مظهرِهِ وسَمْتِهِ. ومَنْ يتأمَّلِ الشريعةَ وتعاليمَهَا العظيمةَ يجدْهَا جمالاً كلَّهَا، انظُرْ إلَى الصبْرِ الذِي أَمَرَتْ بهِ فِي مُقابلِ الضجرِ، وإلَى التُّؤَدَةِ والتأنِي فِي مُقابلِ العجَلَةِ، وإلَى الرفْقِ فِي مُقابلِ العُنفِ، وسائرِ مِا دَعَتْ إليهِ تجدْهُ فِي غايةِ الْحُسْنِ والجمالِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم :« التُّؤَدَةُ وَالاِقْتصَادُ وَالسَّمْتُ الْحَسَنُ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ». وللصوتِ جمالٌ -وهُوَ مظْهَرٌ- دُعِينَا إلَى مراعاتِهِ، والابتعادِ عَنْ قبيحِهِ ومُنْكَرِهِ، قالَ تعالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ولذلكَ كانَ جزءًا رئيسًا فِي منهاجِ تربيةِ الأبناءِ كمَا هُوَ حَالُ لقمانَ معَ ابنِهِ: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ). وقد دُعِينا إلى التَّغَنِّي بالقرآنِ لأنَّ التغنِّيَ الجميلَ والصوتَ الْحَسَنَ يُثيرُ الخُشُوع، رَوَى البخاريُّ عَنْ أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم :« لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». قيلَ لاِبْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ: أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ؟ قَالَ: يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ. إنَّ الجمالَ - عبادَ اللهِ - قيمةٌ عظيمةٌ فِي الإسلامِ، يُجَلِّي ذلكَ كثرةُ تنبيهِ القرآنِ الكريمِ علَى مواطنِ الجمالِ فِي مخلوقاتِ اللهِ ومكوِّنَاتِهَا، ففِي السماءِ جمالٌ: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) وفيمَا علَى الأرضِ زينةٌ وجمالٌ: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) وفِي الأنعامِ والدوابِّ جمالٌ كذلكَ: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ* وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ). وهذَا الأسلوبُ مِنَ القرآنِ فِي حديثِهِ عَنِ الجمالِ دليلٌ علَى أصالةِ الحسِّ الجمالِيِّ فِي الإنسانِ، وأنَّهُ مفطورٌ علَى حبِّهِ والميلِ إليهِ والتجاوُبِ النفسِيِّ معَهُ، وإلاَّ كيفَ يُخَاطَبُ الإنسانُ بشيءٍ لاَ صلةَ لهُ بهِ؟ لكنَّهَا فطرةٌ تحتاجُ كغيرِهَا إلَى مزيدِ تأصيلٍ وتأسيسٍ وترسيخٍ وحُسْنِ تَوْجيهٍ، ولذلِكَ كانَ هذَا الحديثُ عَنِ الجمالِ فِي الإسلامِ تربيةً ربانيةً فِي هذَا البابِ تُبَصِّرُ الناسَ بحقائقِ الجمالِ وقواعِدِهِ وأُسسِهِ والغايةِ منْهُ، لاستثمارِ ذلكَ فِي الجميلِ مِنَ الأُمورِ، والتِي أوَّلُهَا التعرُّفِ علَى اللهِ بذلكَ، فالذِي خلقَ الجمالَ فِي الكونِ هوَ مَنْ أودعَ حُبَّهُ فِي الإنسانِ حتَّى صارَ لهُ معيارًا فِي تقويمِ الأشياءِ والْحُكْمِ عليهَا، وجاذبًا يدعُوهُ إلَى الاستمتاعِ بِهَا، فلاَ ينبغِي لهُ أنْ يستمتِعَ بِمَا لاَ يرضَاهُ اللهُ وعليهِ أنْ يتقيَّدَ بأحكامِ الشريعةِ فِي ذلكَ.
والأمرُ الآخرُ هوَ أنَّ المرْءَ إذَا تربَّى علَى تقديرِ الجمالِ ومحبَّتِهِ فإنَّهُ بلاَ شكٍّ سيحبُّهُ ويحرصُ عليهِ فِي كلِّ شيءٍ، أَيْ أنَّهُ سيحبُّ الجميلَ مِنَ الأخلاقِ والصفاتِ، والجميلَ مِنَ السلوكِ والتصرفاتِ، والجميلَ مِنَ الأقوالِ والكلماتِ، والجميلَ مِنَ المفاهيمِ والتصوراتِ.
ولهذَا ندَبَ القرآنُ الكريمُ إلَى الصبرِ الجميلِ فقالَ اللهُ سبحانَهُ وتعالَى: (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) وإلَى الصفحِ الجميلِ فقالَ عزَّ وجلَّفَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) وإلَى الهجرِ الجميلِ فقالَ سبحانَهُ: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) وأيضًا إلَى السراحِ الجميلِ فقالَ تباركَ وتعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا).
نسألُ اللهَ تعالَى التوفيقَ والخيرَ والسدادَ، وأن يوفِّقَنَا لطاعتِهِ وطاعةِ مَنْ أمرَنَا بطاعتِهِ, عملاً بقولِهِ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ وبِسُنَّةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وآله وسلم أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانيةُ
الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا وحبيبَنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ عليهِ وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطَّيِّبِينَ، وعلَى صحابتِهِ والتابعينَ وكُلِّ مَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
أمَّا بعدُ: فإنَّ مِنْ شأنِ التربيةِ الإسلاميةِ فِي مجالِ الذوقِ والجمالِ أنْ تَمُدَّ الإنسانَ بموازينِهِمَا الصحيحةِ، ومفاهيمِهِمَا السديدةِ، التِي تُرَقِّي الطبعَ وترقِّقُهُ، وتسمُو بالذوقِ وترفِّعُهُ، وتجعلُ المرءَ يحبُّ الجميلَ حقًّا، وينفِرُ مِنَ القبيحِ سجيةً وطبعًا، قيلَ لأحد العلماءِ رحمهُ اللهُ: كيفَ شهوتُكَ للأدبِ؟ قالَ: أسمعُ بالحرفِ منْهُ مِمَّا لَمْ أسمعْهُ فتودُّ أعضائِي أنَّ لَهَا أسماعًا تتنعَّمُ بهِ مثلَمَا تنعَّمَتِ الأُذنانِ. وبناءً علَى ذلكَ فإنَّ للإيمانِ ومقتضياتِهِ مِنَ الأعمالِ والأوصافِ جمالاً لاَ يحسُّ بهِ إلاَّ ذَوُو الأذواقِ السليمةِ : (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) وللقرآنِ مِنَ الجمالِ فِي معناهُ وأسلوبِهِ مَا يُرغمُ المتذوقَ لهُ علَى تمامِ الاستسلامِ لهُ والخضوعِ، والهتافِ التلقائِيِّ "صدقَ اللهُ العظيمُ" ومعناهُ هذَا عينُ الصوابِ، وهذَا هوَ بالضبطِ مَا ينبغِي أنْ يكونَ. وهكذَا كلُّ جميلٍ أتَى بهِ الإسلامُ ودعَا إليهِ.
فنسألُ اللهَ تعالَى أنْ يجعلَنَا مِمَّنْ حسُنَتْ أخلاقُهُمْ، ورقَّتْ أذواقُهُمْ، وجَمُلَتْ فِعالُهُمْ، وارتفعَتْ عندَ اللهِ مقاماتُهُمْ، وأسعدَهُمْ مِنْ صالِحِي المؤمنينَ ثناؤُهُمْ.
عبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ أمرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فيهِ بنفْسِهِ وَثَنَّى فيهِ بملائكَتِهِ فقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ مَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً» اللهمَّ إنَّا نسألُكَ أنْ تجعلَ صلواتِكَ وتسليماتِكَ وبركاتِكَ علَى حبيبِكَ ورسولِكَ سيدِنَا محمدٍ، الذِي بلَّغَ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطيبينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وعلَى سائرِ الصحابِةِ الأكرمينَ، وعَنِ التابعينَ وأتباعِهِمْ وكُلِّ مَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدينِ، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ صحةَ إيمانٍ، وإيماناً فِي حُسْنِ خُلُقٍ، ونجاحاً يتبعُهُ فلاحٌ ورحمةٌ منكَ وعافيةٌ ومغفرةٌ منكَ ورضواناً، اللهمَّ حببْ إلينَا الإيمانَ وزيِّنْهُ فِي قلوبِنَا، واجعلْنَا مِنَ الراشدينَ،
اللَّهُمَّ اغفر للشَّيْخِ زَايِد، والشَّيْخِ مَكْتُوم، وإخوانِهما شيوخِ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ، وَاجْعَلْ مَاقَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رئيسَ الدولةِ الشَّيْخَ خليفة بنَ زايد وَنَائِبَهُ الشَّيْخَ محمَّدَ بنَ راشدٍ إِلَى مَاتُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُما حُكَّامَ الإِمَارَاتِ أجمعين، اللَّهُمَّ بارِكْ فِي المحسنينَ الذينَ يُنفقونَ أموالَهُمْ ابتغاءَ وجهِكَ الكريمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى دولةِ الإماراتِ الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
أمَّا بعدُ: فقَدْ روَى الإِمامُ مسلمٌ رحمهُ اللهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ». قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ :« إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ».
عبادَ اللهِ: إنَّ هذَا الحديثَ يُبَيِّنُ مَا للجمالِ والذوقِ مِنَ الأهميةِ والقيمةِ فِي دينِنَا الحنيفِ، فقَدْ أَقَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الرجُلَ علَى عنايتِهِ بثوبِهِ ونعْلِهِ، وتحسينِ مظهرِهِ ومنْظَرِهِ بأَنْ جعلَ ذلكَ مِنَ التخَلُّقِ بالأخلاقِ التِي يحبُّهَا اللهُ تعالَى «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» وهُوَ أُسلوبٌ فِي غايةِ البيانِ والتأثيرِ. ومعنَى « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ» أَيْ حَسَنُ الأفعالِ، كامِلُ الصفاتِ، وأَمَّا الجمالُ فمعنَاهُ الْحُسْنُ الكثيرُ والكمالُ فِي التناسُقِ فِي عالَمِ الخلْقِ. فهذَا الوصفُ إذًا يحبُّهُ اللهُ تعالَى أَيْ يُريدُهُ ويرضَاهُ، ومِنْ ثَمَّ كانَ لابدَّ للمسلمِ أَنْ يتحقَّقَ بهِ فِي كُلِّ أُمورِهِ وشؤونِهِ، بدْءًا مِنْ أعمالِهِ وأخلاقِهِ التِي هيَ جوهرُهُ وحقيقتُهُ، وانتهاءً بآخرِ شيْءٍ وأدقِّهِ فِي مظهرِهِ وسَمْتِهِ. ومَنْ يتأمَّلِ الشريعةَ وتعاليمَهَا العظيمةَ يجدْهَا جمالاً كلَّهَا، انظُرْ إلَى الصبْرِ الذِي أَمَرَتْ بهِ فِي مُقابلِ الضجرِ، وإلَى التُّؤَدَةِ والتأنِي فِي مُقابلِ العجَلَةِ، وإلَى الرفْقِ فِي مُقابلِ العُنفِ، وسائرِ مِا دَعَتْ إليهِ تجدْهُ فِي غايةِ الْحُسْنِ والجمالِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم :« التُّؤَدَةُ وَالاِقْتصَادُ وَالسَّمْتُ الْحَسَنُ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ». وللصوتِ جمالٌ -وهُوَ مظْهَرٌ- دُعِينَا إلَى مراعاتِهِ، والابتعادِ عَنْ قبيحِهِ ومُنْكَرِهِ، قالَ تعالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ولذلكَ كانَ جزءًا رئيسًا فِي منهاجِ تربيةِ الأبناءِ كمَا هُوَ حَالُ لقمانَ معَ ابنِهِ: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ). وقد دُعِينا إلى التَّغَنِّي بالقرآنِ لأنَّ التغنِّيَ الجميلَ والصوتَ الْحَسَنَ يُثيرُ الخُشُوع، رَوَى البخاريُّ عَنْ أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم :« لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». قيلَ لاِبْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ: أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ؟ قَالَ: يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ. إنَّ الجمالَ - عبادَ اللهِ - قيمةٌ عظيمةٌ فِي الإسلامِ، يُجَلِّي ذلكَ كثرةُ تنبيهِ القرآنِ الكريمِ علَى مواطنِ الجمالِ فِي مخلوقاتِ اللهِ ومكوِّنَاتِهَا، ففِي السماءِ جمالٌ: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) وفيمَا علَى الأرضِ زينةٌ وجمالٌ: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) وفِي الأنعامِ والدوابِّ جمالٌ كذلكَ: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ* وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ). وهذَا الأسلوبُ مِنَ القرآنِ فِي حديثِهِ عَنِ الجمالِ دليلٌ علَى أصالةِ الحسِّ الجمالِيِّ فِي الإنسانِ، وأنَّهُ مفطورٌ علَى حبِّهِ والميلِ إليهِ والتجاوُبِ النفسِيِّ معَهُ، وإلاَّ كيفَ يُخَاطَبُ الإنسانُ بشيءٍ لاَ صلةَ لهُ بهِ؟ لكنَّهَا فطرةٌ تحتاجُ كغيرِهَا إلَى مزيدِ تأصيلٍ وتأسيسٍ وترسيخٍ وحُسْنِ تَوْجيهٍ، ولذلِكَ كانَ هذَا الحديثُ عَنِ الجمالِ فِي الإسلامِ تربيةً ربانيةً فِي هذَا البابِ تُبَصِّرُ الناسَ بحقائقِ الجمالِ وقواعِدِهِ وأُسسِهِ والغايةِ منْهُ، لاستثمارِ ذلكَ فِي الجميلِ مِنَ الأُمورِ، والتِي أوَّلُهَا التعرُّفِ علَى اللهِ بذلكَ، فالذِي خلقَ الجمالَ فِي الكونِ هوَ مَنْ أودعَ حُبَّهُ فِي الإنسانِ حتَّى صارَ لهُ معيارًا فِي تقويمِ الأشياءِ والْحُكْمِ عليهَا، وجاذبًا يدعُوهُ إلَى الاستمتاعِ بِهَا، فلاَ ينبغِي لهُ أنْ يستمتِعَ بِمَا لاَ يرضَاهُ اللهُ وعليهِ أنْ يتقيَّدَ بأحكامِ الشريعةِ فِي ذلكَ.
والأمرُ الآخرُ هوَ أنَّ المرْءَ إذَا تربَّى علَى تقديرِ الجمالِ ومحبَّتِهِ فإنَّهُ بلاَ شكٍّ سيحبُّهُ ويحرصُ عليهِ فِي كلِّ شيءٍ، أَيْ أنَّهُ سيحبُّ الجميلَ مِنَ الأخلاقِ والصفاتِ، والجميلَ مِنَ السلوكِ والتصرفاتِ، والجميلَ مِنَ الأقوالِ والكلماتِ، والجميلَ مِنَ المفاهيمِ والتصوراتِ.
ولهذَا ندَبَ القرآنُ الكريمُ إلَى الصبرِ الجميلِ فقالَ اللهُ سبحانَهُ وتعالَى: (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) وإلَى الصفحِ الجميلِ فقالَ عزَّ وجلَّفَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) وإلَى الهجرِ الجميلِ فقالَ سبحانَهُ: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) وأيضًا إلَى السراحِ الجميلِ فقالَ تباركَ وتعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا).
نسألُ اللهَ تعالَى التوفيقَ والخيرَ والسدادَ، وأن يوفِّقَنَا لطاعتِهِ وطاعةِ مَنْ أمرَنَا بطاعتِهِ, عملاً بقولِهِ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ وبِسُنَّةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وآله وسلم أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانيةُ
الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا وحبيبَنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ عليهِ وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطَّيِّبِينَ، وعلَى صحابتِهِ والتابعينَ وكُلِّ مَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
أمَّا بعدُ: فإنَّ مِنْ شأنِ التربيةِ الإسلاميةِ فِي مجالِ الذوقِ والجمالِ أنْ تَمُدَّ الإنسانَ بموازينِهِمَا الصحيحةِ، ومفاهيمِهِمَا السديدةِ، التِي تُرَقِّي الطبعَ وترقِّقُهُ، وتسمُو بالذوقِ وترفِّعُهُ، وتجعلُ المرءَ يحبُّ الجميلَ حقًّا، وينفِرُ مِنَ القبيحِ سجيةً وطبعًا، قيلَ لأحد العلماءِ رحمهُ اللهُ: كيفَ شهوتُكَ للأدبِ؟ قالَ: أسمعُ بالحرفِ منْهُ مِمَّا لَمْ أسمعْهُ فتودُّ أعضائِي أنَّ لَهَا أسماعًا تتنعَّمُ بهِ مثلَمَا تنعَّمَتِ الأُذنانِ. وبناءً علَى ذلكَ فإنَّ للإيمانِ ومقتضياتِهِ مِنَ الأعمالِ والأوصافِ جمالاً لاَ يحسُّ بهِ إلاَّ ذَوُو الأذواقِ السليمةِ : (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) وللقرآنِ مِنَ الجمالِ فِي معناهُ وأسلوبِهِ مَا يُرغمُ المتذوقَ لهُ علَى تمامِ الاستسلامِ لهُ والخضوعِ، والهتافِ التلقائِيِّ "صدقَ اللهُ العظيمُ" ومعناهُ هذَا عينُ الصوابِ، وهذَا هوَ بالضبطِ مَا ينبغِي أنْ يكونَ. وهكذَا كلُّ جميلٍ أتَى بهِ الإسلامُ ودعَا إليهِ.
فنسألُ اللهَ تعالَى أنْ يجعلَنَا مِمَّنْ حسُنَتْ أخلاقُهُمْ، ورقَّتْ أذواقُهُمْ، وجَمُلَتْ فِعالُهُمْ، وارتفعَتْ عندَ اللهِ مقاماتُهُمْ، وأسعدَهُمْ مِنْ صالِحِي المؤمنينَ ثناؤُهُمْ.
عبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ أمرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فيهِ بنفْسِهِ وَثَنَّى فيهِ بملائكَتِهِ فقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ مَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً» اللهمَّ إنَّا نسألُكَ أنْ تجعلَ صلواتِكَ وتسليماتِكَ وبركاتِكَ علَى حبيبِكَ ورسولِكَ سيدِنَا محمدٍ، الذِي بلَّغَ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطيبينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وعلَى سائرِ الصحابِةِ الأكرمينَ، وعَنِ التابعينَ وأتباعِهِمْ وكُلِّ مَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدينِ، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ صحةَ إيمانٍ، وإيماناً فِي حُسْنِ خُلُقٍ، ونجاحاً يتبعُهُ فلاحٌ ورحمةٌ منكَ وعافيةٌ ومغفرةٌ منكَ ورضواناً، اللهمَّ حببْ إلينَا الإيمانَ وزيِّنْهُ فِي قلوبِنَا، واجعلْنَا مِنَ الراشدينَ،
اللَّهُمَّ اغفر للشَّيْخِ زَايِد، والشَّيْخِ مَكْتُوم، وإخوانِهما شيوخِ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ، وَاجْعَلْ مَاقَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رئيسَ الدولةِ الشَّيْخَ خليفة بنَ زايد وَنَائِبَهُ الشَّيْخَ محمَّدَ بنَ راشدٍ إِلَى مَاتُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُما حُكَّامَ الإِمَارَاتِ أجمعين، اللَّهُمَّ بارِكْ فِي المحسنينَ الذينَ يُنفقونَ أموالَهُمْ ابتغاءَ وجهِكَ الكريمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى دولةِ الإماراتِ الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).