الحمدُ للهِ الذِي أعَزَّ المؤمنينَ بالوحدةِ، وأعْلَى صُروحَ حضارتِنَا بالاتحادِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أُوصيكُمْ عبادَ اللهِ ونفسِي بتقوَى اللهِ حيثُ قالَ تعالَى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).
أمَّا بعدُ: فإنَّ الأساسَ المتينَ الذِي بَنَتْ عليهِ الدولُ الكُبْرَى قواعدَ قوتِهَا، واستمرارَ نَهضتِهَا، وسماعَ كلمتِهَا هُوَ الاتحادُ الذِي جعلَ منْهَا أمةً واحدةً فِي نظامِهَا وتَماسُكِ شعبِهَا وتطلُّعِهِ للمستقبلِ الأكثرِ إنتاجًا واستمرارًا واحتفاظًا بالأمنِ والرخاءِ والعزةِ والمكانةِ.
فانظُرُوا أيهَا المسلمونَ إلَى الاتحادِ الذِي بنَى عليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قوةَ أصحابِهِ، وانتشارَ هدايتِهِ فِي العالَمِ، وذلكَ بالتآلفِ والاتحادِ بينَ المهاجرينَ والأنصارِ، قالَ اللهُ تعالَى: ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). ثُمَّ انظرُوا اليومَ إلَى الدولِ الكبرَى المعاصرةِ، ستجدونَ أنَّ السرَّ فِي صعودِهَا واكتسابِ الثرواتِ والمميزاتِ الحياتيةِ الأُخرَى هُوَ اتحادُ شعوبِهَا وإيمانُهُمْ بِمَا يحقِّقُهُ الاتحادُ مِنْ منجزاتٍ، فلاَ يأكلُ الذئبُ مِنَ الغنمِ إلاَّ القاصيةَ، ولاَ يطمعُ الطامعونَ إلاَّ فِي الكياناتِ المتفرقةِ الهزيلةِ، وهذَا مَا حذَّرَنَا منْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ قالَ:« عَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ ».
وقَدْ أوصَى اللهُ تعالَى كُلَّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ والمسلمينَ جميعًا بالوحدةِ والاتحادِ فِي أُسلوبٍ قرآنِيٍّ بديعٍ فقالَ سبحانَهُ : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ( فالعصمةُ والاعتصامُ والاتحادُ يعنِي القوةَ والمنعةَ والأمنَ والنجاةَ، وَحَبْلُ اللَّهِ العهدُ الذِي ارتضاهُ لهمْ، وهوَ مَا ينظِّمُ الأخلاقَ والممارساتِ، ويوجِّهُ شعوبَنَا لتحقيقِ طموحاتِ قادتِنَا وأولِي الأمْرِ منَّا. وقدْ فسَّرَ ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ وغيرُهُ مِنَ السابقينَ قولَهُ تعالَى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً) بالجماعةِ، فحبْلُ اللهِ الجماعةُ، والجماعةُ نجاةٌ.
عبادَ اللهِ: لقَدْ مَنَّ اللهُ تعالَى علينَا برجالٍ صادقينَ مخلصينَ أَلَّفَ اللهُ تعالَى بينَ قلوبِهِمْ وَوَحَّدَ كلمَتَهُمْ وجمعَ رأيَهُمْ علَى قلْبِ رجلٍ واحدٍ، أدركُوا قيمةَ الوحدةِ وأهميةَ الاتحادِ، فأثْمَرَ هذَا الاتحادُ دولةَ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ التِي أصبحَتْ محطَّ أنظارِ الدنيَا، ومحلَّ تقديرٍ واحترامٍ مِنَ العالَمِ أجمعَ. ولقَدْ شهدَتْ دولةُ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ بفضلِ اللهِ فِي ظلِّ هذَا الاتحادِ الميمونِ نَهضةً حضاريةً كبيرةً شهدَ بِهَا القاصِي والدانِي، ففِي مجالِ العلاقاتِ الدوليةِ صارَ للدولةِ حضورُهَا البارزُ ودورُهَا الريادِيُّ الفَعَّالُ فِي المحافلِ الدوليةِ والرسميةِ، وجهدُهَا الكبيرُ فِي حلِّ الكثيرِ مِنَ المشكلاتِ، ورأيُهَا المؤثِّرُ والمهمُّ. وفِي المجالِ العمرانِيِّ والاقتصادِيِّ والحضارِيِّ تحولَتِ الكثيرُ مِنْ رُبوعِ الدولةِ بفضلِ اللهِ تعالَى إلَى واحاتٍ خضراءَ يانعةٍ أنبتَتْ أُكُلَهَا بفضْلِ ربِّهَا، قالَ تعالَى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ).
وأضحَتِ المساجدُ مناراتٍ حضاريةً تنشرُ الحكمةَ والاعتدالَ، متميزةً فِي بنائِهَا وصيانتِهَا ونظافتِهَا. وفِي المجالِ الثقافِيِّ والعلمِيِّ واصلَتِ الدولةُ تقدُّمَهَا وازدهارَهَا بيْنَ دُولِ العالَمِ. وفِي مجالِ الرعايةِ الصحيةِ أنشأَتِ المستشفياتِ ومراكزَ العلاجِ وغيرَهَا مِنَ المؤسساتِ الصحيةِ. وفِي المجالِ الاجتماعِيِّ أصبحَتِ الدولةُ بفضلِ اللهِ تعالَى أُنموذجاً ومثالاً رائعاً يُحتذَى بهِ فِي التعايشِ بينَ أفرادِ المجتمعِ والتسامحِ معَ الآخرينَ علَى اختلافِ أديانِهِمْ أوْ أعراقِهِمْ أوْ لغاتِهِمْ. وفِي المجالِ الإنسانِيِّ ووجوهِ البرِّ والخيرِ أسهمَتِ الدولةُ إسهاماتٍ كبيرةً لَمَسَهَا وعاينَهَا القريبُ والبعيدُ، وشهِدَ بِهَا الشقيقُ والصديقُ.
فنسأَلُ اللهَ تعالَى أَنْ يوفِّقَنَا لطاعتِهِ وطاعةِ مَنْ أمرَنَا بطاعتِهِ, عملاً بقولِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)
جعلنِي اللهُ وإياكُمْ مِمَّنْ يستمعُونَ القولَ فيتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.
أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانيةُ
الحمدُ للهِ الذِي وفَّقَ قادتَنَا المؤسسينَ إلَى جمْعِ الكلمةِ وبناءِ دولةِ الاتحادِ، نحمدُكَ ربَّنَا حمدًا يليقُ بجلالِ وجهِكَ وعظيمِ سلطانِكَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ نبيُّ الرحمةِ ورسولُ المحبةِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أيهَا المسلمونَ: فِي الذكرَى التاسعةِ والثلاثينَ لنَا مناسبةٌ وطنيةٌ عظيمةٌ، إنَّ رفْعَ العلَمِ فِي الثانِي مِنْ ديسمبر عام 1971م يعنِي بالنسبةِ لشعبِ الإماراتِ إلهامًا ربانيًّا للقادةِ، واستجابةً مخلصةً للاعتصامِ بحبلِ اللهِ، ومَنْ يعتصمْ باللهِ فقَدْ هُدِيَ إلَى صراطٍ مستقيمٍ، الاتحادُ بالنسبةِ لنَا يعنِي بناءَ وطنٍ وحمايةَ حدودِهِ بالقوةِ التِي ولَّدَهَا الاتحادُ، وهوَ يعنِي لنَا الدولةَ التِي تستلهِمُ عراقةَ الماضِي وتتطلَّعُ إلَى المعاصرةِ بكلِّ معطياتِ المستقبلِ وفتوحاتِهِ العلميةِ والاقتصاديةِ والاستثماراتِ العملاقةِ وبناءِ أقْوَى جُسورِ التواصلِ معَ العالَمِ. وبذلكَ يُحققُ الاتحادُ لشعبِنَا الوطنَ الآمنَ المنيعَ والدولةَ العصريةَ المتقدمةَ فِي شتَّى دُروبِ التقدمِ. وهنَا نُقدِّمُ كلَّ معانِي الوفاءِ والولاءِ لِمَنْ أسَّسَ ولِمَنْ أرْسَى ولِمَنْ تابعَ مسيرةَ التمكينِ والتميزِ مِنْ قيادتِنَا التِي نعتزُّ بمنجزاتِهَا وطموحاتِهَا المباركةِ.
عبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ أمرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فيهِ بنفْسِهِ وَثَنَّى فيهِ بملائكَتِهِ فقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً» اللهمَّ إنَّا نسألُكَ أَنْ تجعلَ صلواتِكَ وتسليماتِكَ وبركاتِكَ علَى حبيبِكَ ورسولِكَ سيدِنَا محمدٍ، وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطيبينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وعلَى سائرِ الصحابِةِ الأكرمينَ، وعَنِ التابعينَ ومَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدينِ، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ صحةَ إيمانٍ، وإيماناً فِي حُسْنِ خُلُقٍ، ونجاحاً يتبعُهُ فلاحٌ ورحمةٌ منكَ وعافيةٌ ومغفرةٌ، اللهمَّ حببْ إلينَا الإيمانَ وزيِّنْهُ فِي قلوبِنَا، واجعلْنَا مِنَ الراشدينَ، اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اشفِ مَرْضَانَا وارْحَمْ مَوْتَانَا، اللَّهُمَّ اغفر للشَّيْخِ زَايِد، والشَّيْخِ مَكْتُوم، وإخوانِهما شيوخِ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ، وَاجْعَلْ مَاقَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رئيسَ الدولةِ الشَّيْخَ خليفة بنَ زايد وَنَائِبَهُ الشَّيْخَ محمَّدَ بنَ راشدٍ إِلَى مَاتُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُما حُكَّامَ الإِمَارَاتِ أجمعين ، اللَّهُمَّ بارِكْ فِي المحسنينَ الذينَ يُنفقونَ أموالَهُمْ ابتغاءَ وجهِكَ الكريمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ، اللَّهُمَّ اسقِنَا الغيثَ ولاَ تجعَلْنَا مِنَ القانطينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا منْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لنَا منْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى دولةِ الإماراتِ الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
[url=http://www.iacad.gov.ae/admin/storage/other/Friday Sermon/450pdf.pdf][/url]
أُوصيكُمْ عبادَ اللهِ ونفسِي بتقوَى اللهِ حيثُ قالَ تعالَى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).
أمَّا بعدُ: فإنَّ الأساسَ المتينَ الذِي بَنَتْ عليهِ الدولُ الكُبْرَى قواعدَ قوتِهَا، واستمرارَ نَهضتِهَا، وسماعَ كلمتِهَا هُوَ الاتحادُ الذِي جعلَ منْهَا أمةً واحدةً فِي نظامِهَا وتَماسُكِ شعبِهَا وتطلُّعِهِ للمستقبلِ الأكثرِ إنتاجًا واستمرارًا واحتفاظًا بالأمنِ والرخاءِ والعزةِ والمكانةِ.
فانظُرُوا أيهَا المسلمونَ إلَى الاتحادِ الذِي بنَى عليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قوةَ أصحابِهِ، وانتشارَ هدايتِهِ فِي العالَمِ، وذلكَ بالتآلفِ والاتحادِ بينَ المهاجرينَ والأنصارِ، قالَ اللهُ تعالَى: ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). ثُمَّ انظرُوا اليومَ إلَى الدولِ الكبرَى المعاصرةِ، ستجدونَ أنَّ السرَّ فِي صعودِهَا واكتسابِ الثرواتِ والمميزاتِ الحياتيةِ الأُخرَى هُوَ اتحادُ شعوبِهَا وإيمانُهُمْ بِمَا يحقِّقُهُ الاتحادُ مِنْ منجزاتٍ، فلاَ يأكلُ الذئبُ مِنَ الغنمِ إلاَّ القاصيةَ، ولاَ يطمعُ الطامعونَ إلاَّ فِي الكياناتِ المتفرقةِ الهزيلةِ، وهذَا مَا حذَّرَنَا منْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ قالَ:« عَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ ».
وقَدْ أوصَى اللهُ تعالَى كُلَّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ والمسلمينَ جميعًا بالوحدةِ والاتحادِ فِي أُسلوبٍ قرآنِيٍّ بديعٍ فقالَ سبحانَهُ : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ( فالعصمةُ والاعتصامُ والاتحادُ يعنِي القوةَ والمنعةَ والأمنَ والنجاةَ، وَحَبْلُ اللَّهِ العهدُ الذِي ارتضاهُ لهمْ، وهوَ مَا ينظِّمُ الأخلاقَ والممارساتِ، ويوجِّهُ شعوبَنَا لتحقيقِ طموحاتِ قادتِنَا وأولِي الأمْرِ منَّا. وقدْ فسَّرَ ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ وغيرُهُ مِنَ السابقينَ قولَهُ تعالَى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً) بالجماعةِ، فحبْلُ اللهِ الجماعةُ، والجماعةُ نجاةٌ.
عبادَ اللهِ: لقَدْ مَنَّ اللهُ تعالَى علينَا برجالٍ صادقينَ مخلصينَ أَلَّفَ اللهُ تعالَى بينَ قلوبِهِمْ وَوَحَّدَ كلمَتَهُمْ وجمعَ رأيَهُمْ علَى قلْبِ رجلٍ واحدٍ، أدركُوا قيمةَ الوحدةِ وأهميةَ الاتحادِ، فأثْمَرَ هذَا الاتحادُ دولةَ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ التِي أصبحَتْ محطَّ أنظارِ الدنيَا، ومحلَّ تقديرٍ واحترامٍ مِنَ العالَمِ أجمعَ. ولقَدْ شهدَتْ دولةُ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ بفضلِ اللهِ فِي ظلِّ هذَا الاتحادِ الميمونِ نَهضةً حضاريةً كبيرةً شهدَ بِهَا القاصِي والدانِي، ففِي مجالِ العلاقاتِ الدوليةِ صارَ للدولةِ حضورُهَا البارزُ ودورُهَا الريادِيُّ الفَعَّالُ فِي المحافلِ الدوليةِ والرسميةِ، وجهدُهَا الكبيرُ فِي حلِّ الكثيرِ مِنَ المشكلاتِ، ورأيُهَا المؤثِّرُ والمهمُّ. وفِي المجالِ العمرانِيِّ والاقتصادِيِّ والحضارِيِّ تحولَتِ الكثيرُ مِنْ رُبوعِ الدولةِ بفضلِ اللهِ تعالَى إلَى واحاتٍ خضراءَ يانعةٍ أنبتَتْ أُكُلَهَا بفضْلِ ربِّهَا، قالَ تعالَى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ).
وأضحَتِ المساجدُ مناراتٍ حضاريةً تنشرُ الحكمةَ والاعتدالَ، متميزةً فِي بنائِهَا وصيانتِهَا ونظافتِهَا. وفِي المجالِ الثقافِيِّ والعلمِيِّ واصلَتِ الدولةُ تقدُّمَهَا وازدهارَهَا بيْنَ دُولِ العالَمِ. وفِي مجالِ الرعايةِ الصحيةِ أنشأَتِ المستشفياتِ ومراكزَ العلاجِ وغيرَهَا مِنَ المؤسساتِ الصحيةِ. وفِي المجالِ الاجتماعِيِّ أصبحَتِ الدولةُ بفضلِ اللهِ تعالَى أُنموذجاً ومثالاً رائعاً يُحتذَى بهِ فِي التعايشِ بينَ أفرادِ المجتمعِ والتسامحِ معَ الآخرينَ علَى اختلافِ أديانِهِمْ أوْ أعراقِهِمْ أوْ لغاتِهِمْ. وفِي المجالِ الإنسانِيِّ ووجوهِ البرِّ والخيرِ أسهمَتِ الدولةُ إسهاماتٍ كبيرةً لَمَسَهَا وعاينَهَا القريبُ والبعيدُ، وشهِدَ بِهَا الشقيقُ والصديقُ.
فنسأَلُ اللهَ تعالَى أَنْ يوفِّقَنَا لطاعتِهِ وطاعةِ مَنْ أمرَنَا بطاعتِهِ, عملاً بقولِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)
جعلنِي اللهُ وإياكُمْ مِمَّنْ يستمعُونَ القولَ فيتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.
أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانيةُ
الحمدُ للهِ الذِي وفَّقَ قادتَنَا المؤسسينَ إلَى جمْعِ الكلمةِ وبناءِ دولةِ الاتحادِ، نحمدُكَ ربَّنَا حمدًا يليقُ بجلالِ وجهِكَ وعظيمِ سلطانِكَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ نبيُّ الرحمةِ ورسولُ المحبةِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أيهَا المسلمونَ: فِي الذكرَى التاسعةِ والثلاثينَ لنَا مناسبةٌ وطنيةٌ عظيمةٌ، إنَّ رفْعَ العلَمِ فِي الثانِي مِنْ ديسمبر عام 1971م يعنِي بالنسبةِ لشعبِ الإماراتِ إلهامًا ربانيًّا للقادةِ، واستجابةً مخلصةً للاعتصامِ بحبلِ اللهِ، ومَنْ يعتصمْ باللهِ فقَدْ هُدِيَ إلَى صراطٍ مستقيمٍ، الاتحادُ بالنسبةِ لنَا يعنِي بناءَ وطنٍ وحمايةَ حدودِهِ بالقوةِ التِي ولَّدَهَا الاتحادُ، وهوَ يعنِي لنَا الدولةَ التِي تستلهِمُ عراقةَ الماضِي وتتطلَّعُ إلَى المعاصرةِ بكلِّ معطياتِ المستقبلِ وفتوحاتِهِ العلميةِ والاقتصاديةِ والاستثماراتِ العملاقةِ وبناءِ أقْوَى جُسورِ التواصلِ معَ العالَمِ. وبذلكَ يُحققُ الاتحادُ لشعبِنَا الوطنَ الآمنَ المنيعَ والدولةَ العصريةَ المتقدمةَ فِي شتَّى دُروبِ التقدمِ. وهنَا نُقدِّمُ كلَّ معانِي الوفاءِ والولاءِ لِمَنْ أسَّسَ ولِمَنْ أرْسَى ولِمَنْ تابعَ مسيرةَ التمكينِ والتميزِ مِنْ قيادتِنَا التِي نعتزُّ بمنجزاتِهَا وطموحاتِهَا المباركةِ.
عبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ أمرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فيهِ بنفْسِهِ وَثَنَّى فيهِ بملائكَتِهِ فقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً» اللهمَّ إنَّا نسألُكَ أَنْ تجعلَ صلواتِكَ وتسليماتِكَ وبركاتِكَ علَى حبيبِكَ ورسولِكَ سيدِنَا محمدٍ، وعلَى آلِهِ الأطهارِ الطيبينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وعلَى سائرِ الصحابِةِ الأكرمينَ، وعَنِ التابعينَ ومَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدينِ، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ صحةَ إيمانٍ، وإيماناً فِي حُسْنِ خُلُقٍ، ونجاحاً يتبعُهُ فلاحٌ ورحمةٌ منكَ وعافيةٌ ومغفرةٌ، اللهمَّ حببْ إلينَا الإيمانَ وزيِّنْهُ فِي قلوبِنَا، واجعلْنَا مِنَ الراشدينَ، اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اشفِ مَرْضَانَا وارْحَمْ مَوْتَانَا، اللَّهُمَّ اغفر للشَّيْخِ زَايِد، والشَّيْخِ مَكْتُوم، وإخوانِهما شيوخِ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ، وَاجْعَلْ مَاقَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رئيسَ الدولةِ الشَّيْخَ خليفة بنَ زايد وَنَائِبَهُ الشَّيْخَ محمَّدَ بنَ راشدٍ إِلَى مَاتُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُما حُكَّامَ الإِمَارَاتِ أجمعين ، اللَّهُمَّ بارِكْ فِي المحسنينَ الذينَ يُنفقونَ أموالَهُمْ ابتغاءَ وجهِكَ الكريمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ، اللَّهُمَّ اسقِنَا الغيثَ ولاَ تجعَلْنَا مِنَ القانطينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا منْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لنَا منْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى دولةِ الإماراتِ الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
[url=http://www.iacad.gov.ae/admin/storage/other/Friday Sermon/450pdf.pdf][/url]